"من المعروف أن للحج ثواباً عظيماً قلّما يوجد له نظير في أي عمل صالح آخر، والثواب ليس مّما يُعطى للمرء اعتباطاً، وإنما يصل إليه هو بحركته الصاعدة، والحركة الصاعدة تعني التحول من حال أدنى إلى حال أفضل، وبما أن هذا التحول يبدأ من المعرفة، معرفة الهدف ومعرفة تفاصيل سبيله، فعلى هـذا لا أرى أن الحاج سوف يرتفع ويسمو بالحج وحده بل من المفروض أن تكون لديه معرفة مسبقة، فإن المعرفة ليست مما يتوقع حصوله من ممارسة مناسك الحج، بل هي مما يفترض نموه في نفس الحاج ــمتدرجاــ قبل قيامه بتلك المناسك، فهنالك أمكن للحج أن يساهم مساهمة عظيمة في ترسيب تلك (المعرفة) في نفسه ليزداد إيماناً وهدى إذاً لا يتوقع أحد أن يقبـل الله حجـه فيوجب لـه الثواب العظيم الموعود بمجرد أن يأتي بالحج وفق ما هو مذكور في الرسائل العملية، حتى وإن أتى بجميـع مـا لـه من آداب و مستحبات مذكورة في كتب مختـلـفـة، بل ليكون حج المرء مقبولاً يجب أن يجد في نفسه زيادة إيمانية كما أشرت آنفا إن تحرك المرء في الاتجاه الصحيح وتقرب إلى اللّه فقـد حـصـل على ثواب اللّه، فلأجل هذا ومساهمة في بلورة مغازي الحج وأهدافه أحاول أن أوضح بعض النقاط التي أجدها نافعة"